الصمت المميت

الصمت المميت

فوق تلك الحافّة شاهقة العلوّ يقف هناك قلبا  مُرتعشا على نبضات فؤاده، تلفحه الرّياح النفاق والتطبيل وحتّى  يسأل ربه بمقام محمد وآل  محمد ان يلهمه الثبات  ذلك النفاق في كل الطوائف الدينيه التي 

تعصف به من كلّ الجهات، فيتأرجح بينها كطفل أنهكه التّعب بين الحياةوبين أصحاب الدنيا   الذين يتحدثون باسم الدين ومحبه محمد وآل محمد ويظل متمسك بالعتره فلا يستسلم.

 فيظل ثابت وقابض على دينه كما يقبض المؤمن على الجمر 

لم يعد الوضع في الأمة يستحمل النفاق أو التلاعب بالدين  وهذا موضوعا  لايختلف عليه أحد، فالانهيار قد وقع بسبب النفاق والكذب والخيانه  وبات الارتطام الكبير بالواقع المرير مسألة وقت لا أكثر. ففي فترة قصيرة وجدت الأمة  ساده فعلا قلوبهم واقولهم واعمالهم في سبيل الله  ولايوجد معهم الا ثلة من الصادقين  وقليل من الآخرين، وأنّ العالم الصامت وقع في براثين مستنقع دماء الأبرياء وجوعهم وفقرهم ومن يستفيد من الحرام فإنما ياكل نار تغلي في بطونهم وإن من يركب الموجه فسوف تسقط الأقنعة  عما قريب  هذا الفساد وهذه الاقنعه و بعض العمائم الرخيصه التي استهوت الأهواء والشهوات جعلت الإنسان البسيط والمستبصر  في الإقامة الجبريّة ضمن خطّ الفقر.

 

ولأنّ الجوع كافر، كفر  الامة بزعمائهم وتوقّفوا عن عبادتهم  عن صلتهم بهولاء أصحاب الدين  توقفوا عن الايمان بوجود العداله"ولو مؤقّتا" وانقضّوا على الحياه ليبحثوا عن لقمة العيش بكل الوسائل الممكنة  يقاتلون بشراسة للحصول على أيّ موادّ تقيهم حر العوز والذل والاهانه. واستغل الأقوياء الضعفاء  ولم تخلُ تلك المشاهد من الذلّ والقسوة التي ما كنّا لنصدّق حدوثها  فكم عزيز قوم ذل في هذه الظروف الراهنه، ولكنّها كما وصفها البعض "البداية فقط"!

 

أمام مثل هذه الظّروف الصّعبة تنتفض الشّعوب بشكل تلقائيّ، وتهبّ غاضبة بوجه الظّلم منتزعة قرارها من رحم الظّلام. إلا أنّ الإنسان المؤمن وبشكل غير مفهوم، تراه مترقّبا غارقا في صمت قاتل لم يسبق له أن التزمه إلى هذا الحدّ. والمراقب لهذا المشهد لم يعد يعرف إذا كان سبب صمته هو "هدوء ما قبل العاصفة"، أو أنه اليأس الذي تسلّل إليه وشلّ حركته وقراره، فبات كعجوز ينتظر لحظة موته بهدوء دون أن يحرّك ساكنا أو حتّى يُتمتم بالشّهادتين! علما أن هذا العجوز كان منذ فترة وجيزة شابّا ثائرا يحمل علم بلاده ويجوب  الأمة شمالا وجنوبا كطائر الفينيق، ما أرعب الفاسدين الذين عمدوا إلى تجويعه كي يبقى لاهثا وراء رغيف الخبز دون جدوى من الوصول إليه.

 

ألم يحن لطائر الفينيق أن يُخمد تلك النّيران التي لطالما أشعلته وحوّلته إلى كتلة من الرّماد؟ ألم يملّ ذلك الطّائر العظيم من نفض الغبار عنه في كلّ مرّة والنّهوض مجدّدا؟ ألا يشعر طائرٌ بحجمه ومكانته بالحاجة إلى الطّيران والتّحليق عاليا دون احتراق؟ دون نار؟ دون رماد؟

 ألم يحن الوقت كي ينطق هذا الصمت  المخيف كي يخبر الجميع كفي فقط جعلنا محمد وآل محمد حكما بيننا

ارسال التعليق