شهر ذو الحِجَّة الحرام

شهر ذو الحِجَّة الحرام

د.صفاء السويعدي ||

هو الشهر الثاني عشر من أشهر السنة القمرية أو التقويم الهجري وبه تختتم السنة .
وهو الشهر الذي يلي ذو القعدة.
كان أسمه بُرَك ، و المَيْمُون ، ومسبلا في الجاهلية .
وسمي بذي الحجة لأن فيه موسم الحج ذلك نحو عام 412 ميلادي أيام كلاب بن مرة الجد الخامس للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
وسمي بذي الحجة لإقامة الحج فيه ، وهو أحد الأشهر الحُرُم الأربعة وأعظمها ، وهي التي لا يحل فيها للمسلمين القتال .
وأن تشريع فريضة الحج كانت تؤدى في عهد أبراهيم خليل الرحمن ( عليه السلام ) .
ولكن المجتمع الجاهلي حرف هذه الشعيرة عن مسارها الذي أختطها الرحمن عز وجل .
يذكر الفقهاء التلبيات التي كانوا يلبون بها حول الأصنام والتي تثبت الشريك لله عزوجل .
منها ما ذكره المحقق الداماد في كاتب الحج : ” ان تلبية الحج في الجاهلية كانت نداء للشرك وهتافا للوثنية حيث كانوا يلبون لبيك لا شريك لك الا هو لك تملكه وما ملك ، ويثبتون بذلك للَّه سبحانه وتعالى شريكا وان كان ذلك الشريك أيضا له .
ومن أشهر الأحدات التي حصلت في أول الشهر زواج علي من فاطمة ( عليهما السلام ) أذ أخرج فرات بن أبراهيم الكوفي في تفسيره بسنده عن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن آبائه : عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : لقد هممت بتزويج فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حينا وإن ذلك متخلخل في قلبي ليلي ونهاري ولم أجترئ أن أذكر ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى دخلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات يوم فقال لي : يا علي .
قلت : لبيك يا رسول الله .
فقال : هل لك في التزويج ؟ .
فقلت : رسول الله أعلم إذا هو يريد أن يزوجني بعض نساء قريش ، وإني لخائف على فوت فاطمة فما شعرت بشئ يوما إذ أتاني رسول رسول الله فقال : يا علي أجب رسول الله وأسرع فما رأينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأشد فرحا منه اليوم .
قال : فأتيته مسرعا فإذا هو في حجرة أم سلمة فلما نظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تهلل وجهه وتبسم حتى نظرت إلى أسنانه تبرق .
فقال : أبشر يا علي فأن الله قد كفاني ما كان قد أهمني من أمر تزويجك .
قلت : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ .
فقال : أتاني جبرئيل ( عليه السلام ) ومعه من سنبل الجنة وقرنفلها وطيبها ولينها فأخذتها وشممتها فقلت له : يا جبرئيل ما سبب هذا السنبل والقرنفل ؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى أمر سكان الجنة من الملائكة ومن فيها أن يزينوا الجنة كلها بمغارسها وأشجارها وأثمارها وقصورها ، وأمر ريحا فهبت بأنواع الطيب والعطر ، فأمر حور عينها بالغناء فيها بسورة طه ويس وطواسين وعسق ثم نادى مناد من تحت العرش ألا إن اليوم يوم وليمة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ألا إني أشهدكم أني قد زوجت فاطمة بنت محمد بن عبد الله إلى علي بن أبي طالب رضى مني بعضهم لبعض ، ثم بعث الله سبحانه سحابة بيضاء فقطرت عليهم من لؤلؤها ويواقيتها وزبرجدها ، فقامت الملائكة فتناثرت من سنبل الجنة وقرنفلها ، وهذا مما نثرت الملائكة ، ثم أمر الله تبارك وتعالى ملكا من الملائكة يقال له : راحيل وليس في الملائكة أبلغ منه .
فقال له : اخطب يا راحيل ، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماء وأهل الأرض ثم نادى مناد : يا ملائكتي وسكان سماواتي وجنتي باركوا علي تزويج علي بن أبي طالب وفاطمة ( عليهما السلام ) فقد باركت أنا عليهما ، ألا إني زوجت أحب النساء إلي أحب الرجال إلي بعد النبيين والمرسلين فقال راحيل الملك : يا رب وما بركتك لهما بأكثر مما رأينا من إكرامك لهما في جناحك ودورك وهما بعد في الدنيا ؟ .
فقال : من بركتي فيهما أني أجمعهما على محبتي وأجعلهما معدنين لحجتي إلى يوم القيامة عزتي وجلالي لأخلقن منهما خلقا ولأنشئن منهما ذرية فأجعلهم خزانا في أرضي ومعادن لعلمي ودعائم لكتابي ثم أحتج على خلقي بهم بعد النبيين والمرسلين ، فأبشر يا علي فان الله تبارك وتعالى قد أكرمك بكرامة لم يكرم الله بمثلها أحدا ، قد زوجتك فاطمة إبنتي على ما زوجك الرحمان فوق عرشه وقد رضيت لها ما رضي الله فدونك أهلك فإنك أحق بها مني ولقد أخبرني جبرئيل أن الجنة وأهلها لمشتاقة إليكما ، ولولا أن الله قدر أن يخرج منكما ما يتخذ به على الخلق حجة لأجاب فيكما الجنة وأهلها ، فنعم الأخ أنت ونعم الخلف أنت ونعم الصاحب أنت ، وكفاك برضا الله رضى .
فقال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : يا رسول الله بلغ من قدري حتى أني ذكرت في الجنة فزوجني الله في ملائكته ؟ .
فقال : يا علي إن الله تعالى إذا أكرم وليه أكرمه بما لا عين رأت ولا أذن سمعت وإنما حباك الله في الجنة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت .
فقال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يا { رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي } .

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : آمين آمين يا رب العالمين ويا خير الناصرين “.

د . صفاء السويعدي
1 / ذو الحجة / 1445 هجري

ارسال التعليق