9 نسيان يوم جديد لحرية الانسان ضد الظلم
يعجز القلم واللسان عن بيان صفات هذا الشهيد العظيم، كما يحير العقل في ادراك عظمته. لقد كان عبقرياً لم يعرف عالمنا المعاصر نظيراً له في عقله الكبير وشخصيته العملاقة. وإن القلم ليتعثر في بيان صفاته وسجاياه الأخلاقية، ويقف حائراً في سبر غور ذلك المفكّر العظيم.حث انطلق الشهيد الصدر في جهاده السياسي من قاعدة تستند إلى رؤية عميقة وبعيدة. من خلال دراسة الواقع العراقي بعد سيطرة البعث المجرم على الحكم في العراق . وكان الشهيد يومها عمره الخامسة والعشرين ـ أسس مع مجموعة من علماء الدين والمثقفين حزب الدعوة الإسلامية. وكان الهدف من وراء هذا التشكيل السياسي العمل على ايجاد تيار إسلامي قوي ومنظم يعمل من أجل إعداد أرضية مساعدة على اقامة حكم إسلامي في العراق. وكان حزب الدعوة نموذجاً لتضامن الحوزة العلمية مع الجامعات لتحقيق هذا الهدف الكبير والحلم المنشود. كان في طليعة من بادروا إلى تأسيس جماعة العلماء. وكان الهدف من وراء هذه الخطوة نشر الوعي الديني والسياسي الإسلامي في الحوزة العلمية والنهوض بمستواها في هذا المضمار. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران بقيادة الإمام المجاهد آية الله العظمى السيّد الخميني، رأى السيّد الشهيد الصدر أن الظروف في العراق قد باتت مؤاتية للدخول في جولة حاسمة من الصراع مع الحكم البعثي الغاشم والقضاء عليه وتأسيس حكم إسلامي عادل في العراق، ولذا دخل مرحلة حاسمة في الصراع السياسي ضد النظام.حيث كسره طوق الخوف الذي كبّل الشعب العراقي من خلال اعلانه الشجاع في تأييد الجمهورية الإسلامية واعلان مساندته الأكيدة وتضامنه مع قائد الثورة الخميني الكبير، فأرسل برقية تهنئة وتأييد للإمام القائد وقدم اقتراحاته في مضمار من القانون الأساسي والدستور للجمهورية الإسلامية الفتية. عدم اعترافه بمشروعية النظام الحاكم في العراق. وقد أفتى بحرمة التعاون مع هذا النظام المنحط كما أفتى بحرمة الصلاة وراء المتعاونين مع النظام من المتلبسين بزي العلماء. وبسبب وجود شخصية بهذا الثقل والتفكير ـ مع ما يتّمع به من تأييد شعبي وجماهيري ـ شَعَر النظام البعثي والاستكبار العالمي بخطورة هذا الرمز الكبير في تكرار ما حصل في ايران وانتقاله إلى العراق، فحصلت تغييرات جوهرية وخطيرة في الجهاز الحاكم في العراق واستراتيجية المواجهة مع الحركة الإسلامية المتنامية في العراق. وفي نفس الوقت قام الشهيد الصدر بخطوته الجريئة في بدء الصراع الشامل ضد النظام البعثي، ولم تفتّ في عضده الاعتقالات التي تعرض لها، بل زادته تصميماً في المضي قدماً من أجل انقاذ العراق من عصابة البعث الاجرامية. فوضع الشهيد الصدر بعد ذلك تحت المراقبة الشديدة في منزله كنوع من الاقامة الجبرية. ولم تستمر هذه الحالة من الحصار الشديد . وقد جاء اعتقال السيّد الشهيد بعد أن اخفق النظام البعثي في المساومة مع المرجع الشهيد، ولم تفلح أساليب الترغيب والترهيب معه. قال الصدر : إن الشهادة طريق آبائي وأجدادي، ليس هناك ما يثير الدهشة إذا انتهت حياتي بالشهادة... انني أنتظر حكم الاعدام. وقد تنبأ بقرب استشهاده على أيدي عصابة البعث المجرمة. «وأؤكد لك يا شعب آبائي وأجدادي بأني قد صممت على الشهادة ولعلّ هذا آخر ما تسمعونه منّي، وسأبذل آخر قطرة من دمي في سبيل الله من أجلك» وفي التاسع من نيسان الثالث والعشرين من جمادى الاُولى أقدم نظام حزب البعث المنحط بزعامة صدام الارعن على جريمة العصر باطلاق الرصاص على مفخرة القرن العشرين ليهوي شهيداً مضمخاً بدماء الشهادة، ودفن بمقبرة وادي السلام سرّاً تحت اجراءات أمنية مشددة.
ارسال التعليق