البركان الخميني .. زلزالا مدمرا للغرب والأنظمة العميلة

البركان الخميني .. زلزالا مدمرا للغرب والأنظمة العميلة

يعتبر موضوع التعرف على سيرة حياة الإمام الخميني (قدس) , التي أخذت على عاتقها مسؤولية قيادة أعظم ثورة في التاريخ المعاصر , والإحاطة بإبعادها المختلفة من الموضوعات المثيرة والحافلة بالمواعظ والعبر ,فالبيت الذي ولد فيه , التربية التي نشأ عليها , والبيئة التي ترعرع فيها , ومن هم أساتذته , وكيف تسنى له أن يطيح بأكبر القواعد الإستراتيجية الغربية في الشرق الأوسط , رغم قوة أميركا في إيران ونفوذها الذي لا ينكر , ورغم دعم وتأييد الدول القوية في العالم للنظام فيها ؟.

لقد كان لروحية النضال والجهاد في سبيل الله جذور تمتد إلى الرؤية الاعتقادية والتربية والمحيط العائلي والظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطت بحياة الإمام الخميني , إذ بدأ جهاده منذ صباه , واخذ هذا الجهاد يتواصل ويتكامل بصورة مختلفة جنبا إلى جنب تكامل الجوانب الروحية والعملية في شخصيته من جهة , وتطور الأوضاع السياسية والاجتماعية في إيران والمجتمعات الإسلامية من جهة أخرى .

ولم يكن تحقق وعودة الإمام الخميني وانتصار الثورة الإسلامية في إيران حادثة داخلية لتغيير نظام سياسي معين , بل كان ذلك –وما عبر عنه الكثير من ساسة أميركا وإسرائيل وأوربا في مذكراتهم التي كتبوها عن تلك الأيام ,زلزالا مدمرا للعالم الغربي , ففضلا عن إن أميركا فقدت بنجاح الثورة الإسلامية أهم موقع جغرافي واقتصادي وعسكري لها في إحدى اشد مناطق العالم حساسية وفي بلد كان يمتلك أطول حدود مشتركة مع منافسه الشرقي ((الاتحاد السوفيتي السابق)) , فإذا أمواج هذا الانفجار الهائل , كانت قد هزت الأنظمة العميلة في البلدان الإسلامية والعربية وإصابتها بالذعر الشديد .

 فقد كانت رسالة الثورة الإسلامية الأصيلة ذات ماهية ثقافية بنيت على الفكر الديني والقيم المعنوية , ومن هنا كان انتصار الثورة يعني تصدير رسالتها وقيمها لتفجير موجة من النهوض والتحرر في البلدان الإسلامية , والعالم الثالث ,وفي الفترة نفسها التي حققت الثورة الإسلامية نصرها في إيران سقط النظام العميل لأميركا في (نيكاراغوا) , وفي افغانستان اضطر الاتحاد السوفيتي إلى القيام بانقلاب دموي دفع على أثره قواته لاحتلال تلك الدولة للسيطرة على التحرك الإسلامي .

فبعد الحرب العالمية الثانية كان قد ساد في العالم نظام ظلم , فقد تم تقسيم مناطق العالم بين القوتين المنتصرتين (الشرقية والغربية ) وأوكلت مهمة الحفاظ على هذا النظام المقيت إلى حلفي (وارشو) و(الناتو) . ولم تستطع أي حركة أو ثورة في العالم الثالث من تحقيق أي هدف لها خارج هذا الإطار ودون الارتباط بأحد القطبين الحاكمين.

ومع ذلك حققت الثورة الإسلامية نصرها في عالمنا المعاصر وفي منطقة يعدها الغربيون منطقة امن لهم , وكان شعارها ((لاشرقية ولا غربية)).

لقد وقفت نهضة الإمام الخميني وبشكل مباشر بوجه الامبريالية الأميركية وألحقت الهزيمة بها الأمر الذي جرد الشيوعيين من سلاحهم الذي كانوا يلوحون به (الوقوف بوجه الامبريالية ). ولأول مرة في العصر الحاضر يطرح الدين كعامل محرك في ميدان نضال الشعوب .

ونتيجة لهذا الانتصار بدأت مشاعر الخصومة والعداء للنظام الإسلامي الفتي بالظهور والانتشار منذ صباح الحادي عشر من شباط 1979م . وقد قادت أميركا جهة الأعداء ,وكان لبريطانيا وبعض دول أوربا وجميع الأنظمة العميلة للغرب المشاركة الفعالة في تلك المواجهة , كذلك الاتحاد السوفيتي ومن يدور في فلكه أيضا وقفوا إلى جنب الاميركان في العديد من المواقف العدائية ودعموا موقفهم بسبب عدم ارتياحهم لما حصل في إيران وما نتج عنه من حاكمية للدين .

ومن النماذج البارزة لهذا التحالف , ماحصل من تحالف اليمين واليسار ضد الثورة داخل إيران ,الأمر الذي أظهرت الوثائق –فيما بعد –ارتباطهم بكل من سفارة الاتحاد السوفيتي وأميركا.

ونتيجة للفشل الذريع الذي مني به المشروع الأميركي الذي استهدف نظام الجمهورية الإسلامية من خلال الحصار الاقتصادي والسياسي , وكذلك فشلها في عملياتها العسكرية لإطلاق سراح الجواسيس الاميركان –بالهبوط في صحراء طبس بعد احتلال مركز التجسس الأميركي –وإحباط مساعيها في فصل كردستان عن الوطن الأم ,كل ذلك دفع الحكومة الأميركية عام 1980م إلى تجربة الهجوم العسكري المباشر , بيد أن الموازنات الدولية بين الشرق والغرب الحاكمة آنذاك حالت دون قيام أميركا بالهجوم المباشر بقواتها .

فالرأي العام العالمي قد تأثر نسبيا بأفكار الإمام الخميني ونشاطاته السياسية التي اطلع على جزء منها في فرنسا وعبر الحوادث التي تلت انتصار الثورة الإسلامية , مما ساهم في كشف النقاب عن مظلومية إيران وحقانية مطالب الشعب الإيراني ,ثم دفع الرأي العام العالمي للتعاطف معه , كذلك لم تكن ظروف الأنظمة المتزلزلة في الخليج تسمح باستيعاب ردود الفعل الناجمة عن الهجوم الأميركي المباشر .

لكل ذلك تم اختيار النظام ألبعثي للقيام بدور إشعال الحرب , وهو اختيار محسوب من كافة النواحي , فالنظام ألبعثي يسير في ركب الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية ودخوله في حرب مع إيران سيؤدي إلى وقوف الاتحاد السوفيتي إلى جانب صدام , وبالنتيجة إلى جانب أميركا وأوربا مما سيمنع ظهور أي ردود افعلا سلبية .

كذلك فان العراق يعد ثاني بلد في المنطقة من حيث الإمكانيات التسليحية , وهو بلد نفطي يمكنه الصمود في حرب طويلة الأمد اعتمادا على ثرواته وعلى مساعدات دول الرجعية العربية في المنطقة دون الاحتياج إلى دعم أميركا وأوربا ماليا أو عسكريا .

غير إن الإمام الخميني مارس دوره القيادي بالمنطق نفسه الذي بدأ به قيادة النهضة وحيدا قبل سنوات ,فقد قاد سفينة الثورة وهي تعيش في خضم الفتن والضغوط الخارجية رافعا شعار ((انتصار الدم على السف)) . وكان على اعتقاد راسخ بان المجتمع الذي يؤمن بالشهادة كأعلى درجة من الكمال الروحي للإنسان ويجاهد في سبيل الله لابد وان ينتصر .

ارسال التعليق