تأريخنا الجهادي مفخرة لنا

تأريخنا الجهادي مفخرة لنا

إن منظمة بدر التي يحق لها الاعتزاز بتاريخها الجهادي ومقارعتها للطاغوت.. ومحاولاتها الجادة لتحويل ذلك الاعتزاز إلى مكاسب حقيقية ممثلة ببناء عراق جديد كما هو في مخيلة المخلصين.. لا يمكن له وهو بإزاء شوط جديد قد تغيرت على ميدانه مواقع الفر قاء بتوجهاتهم المختلفة وطموحاتهم المتباينة وفي أهم مفاصلها وخارج حدود المشتركات بين الجميع.. لا يمكن لها إلا الاستفادة القصوى من دروس التاريخ القريب جدا.. لاسيما وإنها قد أفادت بمعرفة ميدانية كل الجهات العراقية الأخرى القريبة والبعيدة على السواء.. وامتداداتها، وحقيقة منطلقاتها، ومواطن ضعفها، ونقاط قوتها. بل ومعرفة نقاط التقاءها وافتراقها عن منظمة بدر، وقد ثبت أن السياسة حينما تغلب على مشاعر الناس فان عمادها التنافس الشريف وغير الشريف.. وهدفها الفوز باستحقاق أو بالتواء.. ووسيلتها الفن والإبداع والتواصل ونظم الأمور لتحقق أعلى درجة في الكسب الجماهيري.. تحقيقا للديمقراطية وأجواء العراق الجديد، وقد كانت منظمة بدر سباقة في أن تكون الجماهير بيضة القبان في حسم جولة التنافس وإمضاء نتائج الفوز.. مع أن هذا البعد الجماهيري قد كان مغيبا بقوة ولا يزال في عموم بلدان المنطقة الإقليمية، حيث الأنظمة المفروضة، أو الطارئة التي اتخذت من فوهتي الدبابة والبندقية بديلتين عن صندوق الاقتراع، وهناك عامل دولي تغمره السعادة برؤية الواقع على هذه الصورة ولا يتوانى عن تكريسه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وبإزاء هذا الواقع عاشت منظمة بدر عمليا إشكاليات الصراع المزدوج.. ما بين متطلبات التاريخ المشرق والنقاء الإيديولوجي.. واستحقاقات الحاضر المخبوءة تحت شفير سيوف الأجندات الدولية، والإقليمية، والمحلية، والاستعداء غير المبرر لبعض الجهات.. على أن هذا الاستعداء انطوى على التعامل مع هذه المنظمة كأمر واقع ابتغاء الابتزاز والاحتواء وتغيير الواقع.. من قبل الأطراف التي لم تؤمن بالعراق الجديد أو التي قبلته مضطرة.. غير أنها حذرة مما يهدد مصالحها الإستراتيجية ويقوض بنية خارطة طريقها في المنطقة.. فتلك التي دأبت على ضرب منظمة بدر  تحت الحزام.. لشد ما تدرك فيها من قوة في المنظومة الشيعية تحديدا.. فيما استعدتها أطراف أخرى لا لذنب محدد بدر منها اتجاهها، بقدر ما كانت جناية منظمة بدر هي ارجحيتها وثقلها في ميزان الواقع.. الذي يتصادم بالضرورة مع مطامح الآخرين في التصدر بلا منافسة من احد.. وإذا ما كانت هناك من حسنة لا ينبغي التغاضي عنها في المسيرة وعلى طول الخط فهي إيثار قيادات منظمة بدر المتعاقبة على تمثل الاعتدال في النهج ما أمكن.. وسرعة الاستجابة للغة التفاهم مع اقل جهد.. والتغاضي عن أخطاء الآخرين على طول الخط.. بل وتكريس منهج يتسم بالحرية والنقاء وقبول الآخر.. إلى حد وصف معه بالاستضعاف الإرادي.. غير إن المنصفين لا يفهمون ذلك إلا تأكيد العلاقة مع الأهداف الكبرى لهذا التشكيل الظافر، والى تولِّ مخلص لمهمة التأسيس لواقع جديد بلا مظلوميات، والى محاولة إفهام الجميع.. أن سبيل التوحد هو الأمثل لتحقيق كرامة الأمة، والحفاظ على هويتها، وفرض احترام ثوابتها.. وليس تشتت الأمة وتفرقها الذي ساهم في استعبادها وإذلالها والحط من شانها وتهميشها وإقصاءها من قبل الآخرين.. حتى دعا إلى اعتقاد البعض بضرورة ديمومة الواقع بالمواصفات أعلاه.. كحق تاريخي.. لا ينبغي معه تقديم المفضول على الفاضل؟ غير أن منظمة بدر قد تعرضت في حمأة المخاض العسير إلى أضرار كجزاء غير منصف لما قدمت من تضحيات , كما أن تركيز جهود القيادة نحو الكليات وصب الاهتمام على بناء النظام السياسي للبلد وما يكتنف هذا الطريق من مصاعب, فمنطلقات ومسيرة منظمة بدر والأهداف المقدسة هي التي تستدعي ذلك بقوة.

ارسال التعليق