رئيس الوزراء ومقهى الادباء
وانا جالس في مقهى الادباء مع زميلي الشاعر والناقد علي شبيب ورد نتبادل اطراف الحديث حول زيارة السيد رئيس الوزراء الى الناصرية جلس قبالتي الدكتور عبد المطلب السنيد والمبدع سليم سالم وهما يتناقشان حول عمل فني لأوبرا سنمار لكاتبها محمد علي الخفاجي عدت بذاكرتي الى الوراء مستذكرا مقاهي بغداد العريقة بدأ من مقهى البيروتي لصاحبها محمد البيروتي المتوفى سنة 1916 والتي كان يرتادها الشاعر السيد محمد سعيد الحبوبي والشاعر ملا عبود الكرخي منذ عام 1897 والتي اصبحت الان صفحة من صفحات الذاكرة البغدادية والتي وصفها المرحوم جعفر الخليلي في كتابه (هكذا عرفتهم )قائلا من اكبر مقاهي بغداد على الاطلاق مقهى البيروتي كذلك مقهى الشابندرالقريبة من دور الكتب والمطابع لصاحبة محمد الخشالي والذي يرتاده الباحث والمحامي عباس العزاوي والتي سماها بعض الادباء بالمربد البغدادي الدائم ومقهى الزهاوي التي أسست عام 1893 والتي شهدت مناظرات الشاعرين جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي ومنها كان يرد الزهاوي على مقالات عباس محمود العقاد كذلك الشاعر عبد الامير الحصيري وعزيز السيد جاسم والشاعر حسين مردان وعالم الاجتماع الشهير علي الوردي ومقهى حسن عجمي التي تعتبر مستقرا للجواهري والتي كان يذكرها في احاديثة واصفا أرضيتها المفروشة بسجاد الكاشان ومقهى البرازيلية التي يذكرها الشاعر سعدي يوسف جيدا لم يبق منها سوى ذكرها ولا اثر لمكانها ومقهى ام كلثوم التي تأسست مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عندما زارت المطربة ام كلثوم بغداد وفي نهاية الستينيات ظهر مقهى المعقدين في بداية شارع السعدون والذي ضم مجموعة من الادباء المتمردين على السائد في المشهد الثقافي المتطلعين الى الاتجاهات الحديثة في الادب العالمي كالمسرح الفقير والمسرح الاسود والتغريب امثال الشاعر عبد الرحمن طهمازي وشريف لعيبي وغيرهم ومقهى البرلمان الذي يرتاده السياب وبلند الحيدري والذي يقول فيه المطلبي :كل الادب الذي يسمى بالتسمية الانقدية (الستيني )ولد في البرلمان اهم المشروعات الثقافية خطط لها هناك ,البرلمان سيرتنا الذاتية اليوم لم يعد البرلمان الا اتجاهنا .
لذلك اجد ان هناك علاقة بين المقهى والمثقف وقد تكون غريزية كما يشبهها الدكتور مالك المطلبي في مقالته (غريزة المقهى )المقهى الشاهد على التحولات الفكرية والادبية وحتى السياسية وحاضنة لمشاريع ثقافية مهمة والمقهى ذاكرة مدينة اذن لماذا اهملت ذاكرة الناصرية اين مقاهيها امثال مقهى عزران البدري ومقهى التجار ومقهى حسين عليوي ومقهى حبيب نصرلله ومقهى كاظم علي ومقهى صالح ومقهى شنين ومقهى سعدون كاظم وراضي ابو عادل والحاج بديوي ومقهى كاظم خلوف ومقهى العروبة ومقهى اللواء وغيرها التي بدأ النسيان يخيم عليها شيئا فشيئا سوى في الذاكرة الجمعية لمن عاصر تلك المنتديات الثقافية التي لطالما كان لها تأثير في المجتمع الناصري عليه اتمنى ان تكون هناك التفاتة جدية لهذه الاماكن التي سجلت تأريخ مهم لمدينتنا الزاخرة بتراكمها الثقافي الذي شهدته هذه الاماكن.
ارسال التعليق