شرف الحاكم من شرف المحكوم
الحديث الشريف : كيفما تكونوا يول عليكم . معناه ان نظام الحكم في اي بلد هو انعكاس لمنظومته العقيدية والاخلاقية والدينية ، ولنمط العلاقات الاجتماعية السائدة ، والمعروف تاريخيا ان المجتمعات تطورت من مجتمعات عشوائية امية عنيفة متخلفة الى امم متحضرة مسالمة ، ويعد نظام الحكم تعبيرا عمليا عن المرحلة التي بلغتها الأمة في تطورها الانساني ، نشكو من نظامنا السياسي وهو ملائم لطبيعة المجتمع وانعكاس لثقافته واخلاقه ، واذا اصبح نظام الحكم في اي بلد غير معبر عن ثقافة وحضارة الشعب يحدث التناقض بين النظام والشعب ويزداد التوتر حتى يحدث التغيير السياسي . لا يوجد حاليا تناقض وتوتر ورفض متبادل بين الشعب ونظام الحكم الى المستوى الذي يؤدي الى التغيير ، نظام مغلف بشعارات ديمقراطية لكنه قائم على اسس قبلية منقرضة تعتمد منهج الازدواجية السلوكية . ولأغلب المسؤولين عندنا شخصيتان شخصية مثالية خطابية وشخصية سرية متدنية، فمن الطبيعي ان يدعي النزاهة ويسرق ، ويدعي الاصالة وهو تابع ، ويدعي السيادة وهو خاضع للنفوذ الاجنبي ، ويدعي المنهجية وهو فوضوي ، ويدعي الزهد وهو حريص ، ولو سألته عن اسباب الفشل والفوضى والفساد يقول لك ان سببها الاحتلال والارهاب ! ونحن متأكدون ان الاحتلال لا يستطيع ان يجعل الشريف وضيعا ، ولا يحول النزيه الى فاسد ، ولا يقلب المنهجي الى فوضوي . انها رذائل لها اسباب اخرى ، المسؤول المتحضر عادل صادق معطاء وليس ظالما بخيلا كذابا ، والسؤال لماذا لا يكون اصحاب الفضائل في السلطة ؟ والجواب هو كيفما تكونوا يول عليكم ، هذه من سنن التأريخ المؤكدة . نحن الشعب في حياتنا اليومية نعيش ازدواجية سلوكية ثقافية تشبه ازدواجية المسؤولين ، فانت مواطن مثلي تعمل موظفا في دائرة لماذا تأخذ مني رشوة لتمشية معاملتي وانت تتقاضى راتبا على عملك هذا ؟ وانا موظف مثلك فاذا وصلت معاملتك ألي سآخذ رشوة منك ايضا ، وكلانا ننتقد الفساد ! المجتمع منظومة قائمة على التخادم ، فاذا ساد الفساد توقف التخادم ، وعمت ثقافة الخاوة والترهيب والتغالب البدوي والتركيع للآخر وشيوع قانون القوة بدل قوة القانون ، فيتحول البلد الى غابة، الازدواجية تعني النفاق وثمرتها مجتمع الغابة ، وازدواجية المسؤول امتداد لازدواجية المجتمع نفسه ...الثورة الثقافية تعني جهاد النفس ، وهو الجهاد الاكبر ، وقبل ان ننتقد اخلاق الحاكمين علينا ان نراجع انفسنا ، اذا عرف الشعب ان حاكمه ارقى منه اخلاقيا قتله ، واذا وجد الحاكم ان شعبه اشرف منه اضطهده ثم اباده . واذا قلنا ان تهذيب النفوس واصلاحها مطلب خيالي اسطوري ، فستكون الحياة الحرة الكريمة الآمنة للمجتمع مطلبا خياليا اسطوريا ايضا .
ارسال التعليق