تجاعيد في وجه جدي !

تجاعيد في وجه جدي !
أتـأمل وجه جد واغوص في اعماق تلك التجاعيد التي أراهـا تحدثني عن مسيرة ُ عمر ٍ ملئ بالمتاعب تروي لي تلك التجاعيد قصص من ايام عصيبه أبتدؤها بمعاصرته ِ لسقوط الملكيه وما خلفته من آثار ٍ على الشعب وبدء الحكم الجمهوري ، تروي لي تلك التجاعيد ما حصل على الشعب من ظلم ٍ وإستبداد وتناحر ليبدأ عبدالكريم قـاسم بمسيرة الجمهوريه محاولا ً السير نحو الافضل لكن هيهات حتى رفع عبد السلام عارف راية الثوره بوجه قاسم ، راية ُ عارف كانت ترمز إلى مستقبل ِ بلد سيبنى على جماجم ابناءه ِبلد ٌ سيقوده ُ البعث وما ادراك مالبعث .. ! ، تجاعيد ُ وجه جدي اخذت تروي معاناة الشعب وما جاء بعد عبد السلام عارف الذي مات محترقا ً ، لم يغمض للشعب جفن على راحه فالحكم لم يخرج عن بيت عارف وهذه المره لعبد الرحمن الذي وصفه ُ جدي بالــ "الطنطل" ، تناوب على رقاب العراقيين عُصبه من المجرمين القتله الذين انتهى بهم المسير لقائد "الضروره" صدام الذي زادت فترة ُ حُكمه ِ من تلك التجاعيد وقسوتها على وجه جدي الفتره التي حكم فيها صدام كانت تمثل اشد واعتى فتره تأريخ العراق المعاصر فقد عانا ويعاني الشعب من تلك الحُقبه المُظلمه ، لم يَكُن جدي سياسيا ً ولكن الواقع السياسي انعكس تأثيره ُ على حياة الفرد البسيط فأخذت المعاناة تتنوع على هذا الشعب وتجعل من حياته ساحة ً للصراعات وأخذت تلك الصراعات حيزا ً كبيرا ً فدخلت البيت الواحد وشتت التوافق الفطري بين الناس .. صراعات ٌ وأزمات ،، إقتصاد ٌ مُتآكل ، مجتمع ٌ يأكل بعضه ُ البعض ، زمن ٌ لم يُعط ِ للعراق حقه ُ ، آلام ٌ شتى في ذلك الجد العراقي جعلت من وجه جدي مسرحا ً للتجاعيد ، تجاعيد ٌ استمرت بالبوح لي عن آلامها المكبوته والتي حاول جدي إخفائها لكن الشيب هو آلآخر فضحه ُ .. جدي الذي يطيل الصمت أحيانا ً يُصاحب صمته ُ بنظرة ٍ شجيّه إلى الارض كأنه ُ يُعاتبها لأمر ٍ أجهله ُ .. وإذا قاطعت صمته ُ أجابني بتــأوّه وإبتسامه تُحرك سكون تلك التجاعيد التي تعلو وجهه ، يَدفعُني الفضول لأغوص معه ُ في تفاصيل تلك الإبتسامه وما سبقها من تأوّه فـأراه ُ يتجرد من الصمت كي يروي لي قصته ُ مع الارض وكيف ان هذه الارض العراقيه لم تُنصفهُ ولم تُعطه ِ حقه ُ المُقدر له ُ فعاش حياته ُ باحثا ً عن ذلك الحق مع تنوع الظَلَمه والمُستبدين ، قضى شبابه ُ يُسابق الليل والنهار من اجل ان يُعطي لأُستره ِ الامان بأن لهم حق ٌ في وطنهم لم يُسلب بعد .. كان ذا مِزاج ٍٍ عصبي فلم يحتكر كلماته ُ لوقت ٍٍ دون آخر بل كان يُطلقها بوقتها مبتعدا ً عن المجامله فشكل هذا الامر سببا ً في إستبعاده ُ من وظيفته ِ الحكوميه وحرمانه ُ من ابسط حقوقه حتى بعد سقوط الدوله العفلقيه كذلك فأنه لم يتلون ولم يُمجد لسلطه او لحزب ومن ذلك غذانا .. اُحب ان اُطيل النظر في وجه جدي فأنا انظر ُ إلى تأريخ ٍ حي ّ غير مُزور كُتبت حروفه ُ على تلك التجاعيد ورُسم تأريخه ُ على شعر رأسه فكان ناصع البياض لكنه ُ اخفاه ُ عن العيون بزيّه ِ العربي الوقور من عِقال ويشماغ فكان بمثابة تــاج ٌ على ذلك الرأس الذي بقيت هامته ُ عالية ً بِعلو ّ ذلك العِقال ، جدي يُخبرني دائما ً ان الإنسان باق ٍٍ ما بقي َ رأسه ُ مرفوعا ً وبخلاف ذلك لا مكان له بين بني البشر .. كتبت هذه الكلمات وانا اتأمل وجه جدي وكان يبادلني النظرات وكأنه ُ يُخبرني بنظراته قائلا ً : يوما ً ستكون تجاعيدكم اشد واكثر معاناة ً وألماً فأنتم تعيشون في زمن ٍ يشكو من نقص التراحم والتوادد بين ابناءه ِ إضافة ً إلى تشابك اياد الظلام لدفنكم احياء .. نادوا بحقكم وموتوا من أجله ِ فلا خير بأمة ٍ استوطن الجوع بطون ابنائها فنصروه ُ بصمتهم ... حفظك الله جدي الحبيب ..

ارسال التعليق