حاربوا الطابور الخامس

حاربوا الطابور الخامس
يحب العراقيون التحدث في السياسة . يتحدثون بها على مائدة الإفطار, في الطريق إلى أعمالهم , وفي دكاكينهم وغرف دوائرهم. ويتحدثون بها بعد الدوام في المقاهي ,وفي الأسواق ,وقبل النوم. أنهم محقون . لقد أبتلى الشعب العراقي بحكام جائرين وظالمين منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى سقوطها عام 2003. المواطن العراقي يمشي وينام على بحر من الذهب الأسود وهو فقيرا لا يملك دارا ومع هذا مضطرا لتقديم الولاء للسلطة خوفا من بطش أجهزتها الأمنية. الأجهزة الإعلامية وهي ثاني أقوى جهاز بعد جهاز الأمن من طرف أخر لم تقدم للمواطن العراقي ألا الكذب والخداع وتسويق خطابات الرؤساء. وأصبح المواطن العراقي مضطر لتلقي أخبار بلاده من "صوت أمريكا" ,"أذاعه لندن" ,و"مونت كارلو".وهكذا عندما يجتمع شيبنا وشبابنا في المقاهي ويبدأ حديث السياسة تظهر عدد من وجهات النظر قد تزعج احد المجتمعين وتضطره بالتراجع والذهاب إلى بيته كئيبا حزينا وكأنه خسر معركة. في هذا المعنى كتب الشيخ علي الشرقي قائلا "لا نرى في الأمة ألا سياسيا وساسة , حتى كأن الجمهور العراقي كله طائفة سياسية , فالسياسة في الجامع,والمخادع,والمقاهي,الأسواق والطرق,المدارس,والثكنات العسكرية" . أما الجاحظ فقد كتب أن "أهل العراق أهل نظر وفطنة ثاقبة مع النظر و الفطنة يكون التنقيب والبحث, ومع التنقيب و البحث يكون الطعن والقدح والترجيح بين الرجال والتمييز بين الرؤساء وإظهار عيوب الأمراء". لا باس من القدح والترجيح في ظل الاستقرار السياسي والأمني حتى وان كان هذا القدح والترجيح ليس له أساس من الصحة (إشاعة) . بكلام أخر "لا ينفع ولا يضر". ولكن القدح والترجيح يصبح مشكلة خطرة كالسلاح الفتاك في معركة في زمن الاضطرابات السياسية والأمنية. لقد فهم أعداء العملية السياسية دور الإعلام في قلب الأمور و بدءوا استخدام إذاعات وفضائيات تلفيزيونيه ومواقع تواصل اجتماعي تمول من الداخل والخارج وظيفتها إسقاط العملية السياسية عن طريق بث الأكاذيب و زرع الفتن, مستفيدين من فسحة الحرية الإعلامية التي أقرها الدستور العراقي. أن تشويش فكر المواطن من خلال الإعلام المضلل نتج عنه : • إسقاط محافظة الموصل. حيث ذكرت جميع وكالات الإنباء أن الجنود العراقيين استلموا رسائل من على تليفوناتهم تحثهم على الهروب قبل أن يقعوا بيد داعش. • ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات ,حيث خوف الإعلام المضلل المواطن العراقي من استمرار المعارك وعدم استطاعة التجار من استيراد ما يحتاجه السوق. • زيادة الطلب على الغاز والمشتقات النفطية,حيث ذكر السيد حسين الشهرستاني أن الطلب على قناني الغاز زاد في بغداد من 75000 إلى 170000 قنينة. • الإشاعات المغرضة تؤثر على معنويات المقاتلين في ساحات القتال’ وهذا بضبط أحد أهداف فتوى السيد علي السيستاني وهي دعم معنويات الجيش العراقي . • الحرب النفسية توثر سلبيا على معنويات المواطن العراقي في دعم الجيش العراقي والعملية السياسية. إشاعة إسقاط قضاء تلعفر ,مطار بغداد , واحتلال مصافي بيجي تصب كلها تحت هذا الباب. • مواقع التواصل الاجتماعي أسقطت النظام في مصر مرتين ويحاول إسقاط العملية السياسية في العراق. ولكن محاولة إسقاط العملية السياسية في العراق أصبحت عصية وللأسباب التالية: • فسحة الحرية الإعلامية التي يتمتع بها المواطن العراقي . الموطن العراقي تحرر من الانغلاق الإعلامي وأصبح حرا في اختيار مصادر معلوماته . وهكذا أصبح سهلا عليه اكتشاف الإعلام الهادف والمضاد . • العملية السياسية أصبحت مقبولا من قبل القوى العظمى . • دعم الأحزاب والكتل السياسية العراقية الفاعلة للعملية السياسية. العملية السياسية سوف لن تسقط بواسطة الحشد الإعلامي المضلل ولكنه يؤثر سلبيا على معنويات المواطن وخاصة على الشريحة الفقيرة والغير مثقفة فيه وهذه ليست ظاهرة خاصة بالعراقيين فحسب وإنما ظاهرة عالمية. وهذا بضبط الخطأ الذي وقع به الدكتور حامد العطية في مقالته "هل ظهر السفياني " يستنتج فيه أن "الخيانة والتخاذل صفة ملازمة لشيعة العراق" . الدكتور دعم رأيه بتودد بعض الشيعة للنظام البعثي وبتجربته الشخصية. الدكتور كان من المفروض به تحذير قيادة الائتلاف الوطني من التشرذم والمناكفات السياسية بينهم. وهنا أعيد إلى الذاكرة ما حذر منه السيد عبد الجبار الشبوط حين كتب في مقالته الأخيرة قائلا"إما الشيعة فقد يكتب التاريخ عنهم أن خلافهم على شخص الحاكم أضاع منهم الحكم والدولة والوطن". الحفاظ على العراق يتطلب التوافق السياسي على شخصية رئيس الوزراء الجديد سريعا, إغلاق جميع مواقع التواصل الاجتماعي لان حماية الوطن أهم وأسمى من الحريات الفردية, وغلق جميع الفضائيات التي أصبح غرضها بث الكذب والتحريض الطائفي.

ارسال التعليق