فاصل ونواصل الفساد..العراق الغني الفقير؟!
الطفرات في أسعار النفط في منطقتنا العربية وما جاورها، شكلت مجتمعات جديدة تم تركيبها وتجميعها مع حروف أخرى، لتنتج دولا وشعوبا؛ لم يكن لها اصل في التاريخ قطعا.
هذا التناقض أسّس الدولة الريعية، ونشأ وضع اكثر غرابة بتشكل مجتمعات ريعية، يقوم هذا الوضع على عقد غير مكتوب، هو أن على الدولة الريعية، توفير الخدمات والرفاهية لمجتمعاتها، مقابل أن تقدم تلك المجتمعات؛ الولاء للدولة والحكام، والتعهد بعدم منافستهم على الحكم، وما يتبع ذلك من سوء الاستخدام للسلطة.
دول الريع ومنها العراق (الغني الفقير)؛ قائمة على فرضيات متضادة، هذا التضاد يعد وعاءا كبيرا لإنتاج الفساد، تماما كأوعية السكر المذاب في الماء، حيث يوضع قرب خلايا نحل العسل، فتذهب اليه عاملات العسل من النحل، تبتلعه وتطير نحو خلاياها معبأة به، فتزدريه عسلا طبيعيا ليس مغشوشا، لكنه ليس بطعم عسل الزهور على الإطلاق..مغشوش ليس مغشوش..!
تواصل الدولة الريعية؛ إبتلاع الموارد المالية التي تقبضها ثمنا للنفط، وتزدري بعضها الى جيوش المستخدمين لديها، وزراء ومسؤولين، مدراء وأساتذة جامعات، قادة عسكر وضباط أمن، جنود وشرطة وقضاة وعمال مجاري، جيوش من معتنقي فكرة الدولة المنتجة للعسل الطبيعي المغشوش..!
لا احد على الإطلاق؛ يعرف مقدار ما وضعت الدولة الريعية يدها عليه من أموال، فهي وعلى الرغم من أن عوائدها تقدر بمئات البلايين، لكن موازناتها واحتياطها من أموال النفط، أموراً سريةً لا تصلح للنشر..وفي معظم السنوات ننفق بلا موازنة..اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، وسلملي على السيد المستشار!
الدولة الريعية التي تمتلك مقدارا هائلا من الأمول، تستدين من البنوك الأجنبية، أحجية لا يحلها حتى الراسخون بالعلم، لكن الإستدانة مع عدم الإحتياج، علامة من علامات تشكل منظومة فساد عالمي كبير، يتعين على الدولة الريعية الإنتماء له جبرا، وإلا عدت تلك الدولة مارقة عن النظام المالي العالمي، وتستحق بسبب ذلك عقوبات، ليس أقلها خفض قيمة عملتها الوطنية إزاء عملات الكبار، وتحياتي للسيدة الوزيرة..!
في منظومة الفساد العالمي، يجب على الدولة الريعية، ونيابة عن أتباعها الذين باتوا يحملون تسمية “مواطنين”، أن تودع أموال “مواطنيها” لدى بنوك الكبار، وعلى اعتبار أن الدولة هي الوطن، لأن (الوطن ـ الدولة) أو (الدولة ـ الوطن)؛ لا تستطيع حماية أموالها من شغالات العسل الطبيعي المغشوش..سلام مربع للسيدة السفيرة التي تحكم العراق ..!
وفاق فسادي نادر الحصول في أي مكان آخر في العالم، ما خلا شرقنا الأوسخ، لكنه أنتج أحياءا تضم قصورا فخمة؛ كقصور شارع ألأميرات، وقصور المربع الرئاسي في الجادرية، وقصور في الرمادي والفلوجة والزبير والبصرة، قصور لم يكن صدام يحلم ببناء مثلها، وقد يؤول هذا الفساد ملكًا للأسود؛ التي يلعب معها حفيد الشيخ المعمم فلان..!
متطلبات الشعب الريعي في الدولة الريعية؛ وعلى الرغم من وفرة الأموال؛ تتقلص، لكن أعداد أبناء هذا الشعب في نمو مستمر، وتزداد أعداد التكتك وتبلغ مليون ونصف؛ حسب تصريح لضابط مرور كبير، وتتسع الفجوة بين الشعب والسلطة القابضة على المال، والتي يقودها المتنفذون؛ الذين تعوّدوا على مساحة رفاهية اجتماعية واسعة، تحتاج الى مزيد ومزيد من المال، لشراء طائرات خاصة، ومجوهرات للنساء والخليلات، وملاعب تنس، وخيول وطواويس، وسيارات جي كلاس، ومولات وقرى سياحية، ويخوت وحراس وحمايات، وخراف وغزلان يطعمونها للنمور والأسود؛ التي دجنوها في ممرات وحدائق قصورهم ..!
كلام قبل السلام: فاصل ثم نواصل الفساد..!
سلام..
ارسال التعليق