في رحاب الحسين... الثورة والمبادئ !!

في رحاب الحسين... الثورة والمبادئ  !!
من بين المناسبات الاكثر حزنا وفجيعة على مر التأريخ الاسلامي تبرز مأساة كربلاء وما فيها من محن حلت بأل بيت النبي صلوات الله وسلامه عليهم ولعل عظم المصيبة ياتي من عظم صاحبها ومكانته في الامة الاسلامية التي تعرضت لمخطط اموي كبير نفذه الانتهازيون واصحاب الاغراض الدنيوية الدنيئة الذين اجتمعوا كما هي مصالحهم على قتل سبط النبي الاكرم الامام الحسين واهل بيته وصحبه صلوات الله عليهم وعلى ارواحهم الطاهرة التي قدموها رخيصة من اجل اعلاء كلمة الله ودحض الباطل واهله ولتمتد هذه التضحية وترسخ في الوجدان الاسلامي لتكون المحرك الدائم لكل ثورة وحركة تستهدف الاصلاح والتخلص من أي محدد ومكبل لارادة الامة وقد شهد تأريخها بعد مرور اكثر من الف واربعمئة عام على احداث واقعة الطف الاليمة جملة من الثورات والحركات التي رفعت نفس الشعار بعمومها او بجزئياتها وربما كانت الاستهانة بالموت وعدم الالتفات اليه قبالة الهدف النبيل الذي سعى لتحقيقه الكثيرين من المسلمين ومن خبروا القضية الحسينية هو تلك التضحية العظيمة التي قدمها الحسين من اجل ربه ودينه ومبادئه وامته التي ادرك انها بحاجة لهذا الدم الشريف ولكل المواقف التي سطرها مع نفر قليل قياسا بما حشد ضده من جيوش الاعداء والمتزلفين للسلطان. نعم ان هولاء عندما ينوون رسم طريقهم ويجدون معظلا ما يعترضهم يقفون عند حضرة هذا الانسان الرمز الشامخ الخالد بتضحيته غير ابه بالموت ومن يريدون تصويره على انه النهاية وبحلوله تكون هذه النهاية اخماد فكرة حقة وانهاء ثورة على معالم الفساد بينما حول الامام سلام الله عليه بوقفته النصر المزعوم الى هزيمة وكان لثباته على مبادئه الاثر الاكبر في تعميم هذه الهزيمة في معسكرات الطاغوت اينما حل لذلك نجدهم يستهدفون الرمز ويحاولون تصفيته في قلوب الناس وشحن الاجيال بتصور جديد عن ماهية هذا الرجل العظيم بعيد كل البعد عن حقيقته الخالدة التي كانت وستبقى جلية ناصعة واضحة المعالم والاهداف واولها تحرير الانسان من كل مظاهر الخنوع والجبن والركون للظلم . وقد تكون الحملات المتزامنة مع قرب حلول شهر محرم الحرام كل عام في عدد من البلدان الاسلامية والتي تصرف فيها ملايين الدولارات لاقامة الاحتفالات والمسابقات والانشطة المنوعة انما تستهدف صرف الجمهور واشغاله بعدم الالتفات والتعتيم على هذه المصيبة ومنع الناس من التعرف عليها وعلى رجالاتها وشخوصها انطلاقا من هذا الفهم ,حتى انحسرت مثل هذه الحملات تدريجيا وصولا الى ما راينا وعشنا ولمسنا بفعل ارتفاع اصوات هنا ومنابر هناك تعرف وتذكر بهذه القضية التأريخية التي تتعدى حدود زمانها ومكانها لترتبط بالانسان وتوجهه بالاتجاه الصحيح وقد كان للاعلام الاسلامي الشيعي بشكل عام والاعلام العراقي على وجه الخصوص ونقله المباشر لحشود المعزين في كربلاء ومسيرات الاربعين العفوية الاثر الاكبر في تغيير الفهم السائد عن الطف والامام الحسين عليه السلام والذي دفع الكثيرين للتساؤل عن هذه المناسبات ولماذا يهتم الشيعة باحيائها والمبالغة في تقديسها وتمجيدها مما فتح الباب واسعا امام القضية الحسينية في ان تتسع وتظهر بشكل ملفت اقض مضاجع بعض الحكومات والمؤسسات الدينية الضالة المضلة وجعلها تفكر جديا في كيفية التخلص من هذا الفكر التحرري الحقيقي المرتبط بجوهر الاسلام المحرر الاساس لارادة الانسان والباعث في المسلمين روح التضحية والتمسك بالكرامة بعيدا عن عبودية الانسان لمباهج الحياة وشهوة السلطان. فما كان من هذه الحكومات والجهات المبغضة لنهج اهل البيت عليهم السلام الا ان تواجه بكل امكانياتها فجمعت المال وشذاذ الارض وشرعت بتنفيذ حربها مستهدفة الفكر قبل الانسان وما قنوات العهر والادعاء الوهابي الا نموذج حي اشر هزيمة هذه الانظمة وحولها من حالة الهجوم واستعباد الامة الى حالة الدفاع المستميت عن افكارها البالية المتشددة المليئة بالاكاذيب والمغالطات, محاولة في شتى المواقف الخلط بين ماهو ثابت ومتاصل ,وبين ماهو ممارسة او ظاهرة خاطئة وتحميل مدرسة اهل البيت عليهم السلام مسؤوليتها عبر اجتزاء احاديث ونشر صور لتعمية الجمهور والامساك به لئلا تفلت الامور من يدها وتنتهي الى الهاوية, وهذا قطعا ما سيحدث لان حبل الكذب قصير وقصير جدا .ناهيك عن حملات الابادة واستهداف مظاهر العزاء الحسيني بشكل مباشر لمنع الحسينين من ممارسة ادوارهم الشعائرية بشكل اكبر واوسع ظنا منهم ان هذا سيمنعهم من مواصلة رسالتهم وهو ما لن يتحقق باي حال من الاحوال . اننا امام شهر عظيم وايام المصيبة فيه تحتاج منا المزيد والمزيد من العمل الجاد فلسنا نتحدث عن باب من ابواب التخصص الاكاديمي لنصنف الناس هذا حسيني مختص باحياء الشعائر وذاك لا ويجب ان يبتعد وهذا فهم خاطىء كون القضية الحسينية اوسع واعم واشمل من كل ذلك فهي طريق لتحرير النفس والارتقاء بها سيرا على نهج ابي الاحرار ولكل من يريد ان يدلي بدلوه فله ذلك وفي مختلف المجالات والاوقات فما نحتاجه فعلا هو تنويع الاساليب والعمل على اعتماد اساليب اخرى من باب اشراك المسرح وتفعيله والافادة من التقنيات الحديثة وبناء مراكز انتاج وتشجيع العاملين في المجال الابداعي الفني والتقني على ابتكار افكار ونصوص مرتبطة تحاكي عقول النشىء وترتقي بالاهداف والغايات الحقة لهذه القضية والثورة لتبعد اجيالنا عن حالة التشويش التي يريدها لهم اعداء الاسلام المدعين عليه من داخله وخارجه .وما شهر محرم الحرام الا مناسبة ينبغي استغلالها لهذا الغرض ولله درء من قال اندب فؤادك يافتى. هذا محرم قد اتى ... لبيان لسان الحال في اهمية توجيه اجيالنا وشبابنا بالاتجاه الصحيح المثمر فحالة الشحن العاطفي ليست كافية بالدرجة التي ترسخ المبادىء العظيمة محل تضحية الامام الحسين عليه السلام وكذلك حالة اتكال بعضنا على البعض الاخر في نشر هذا الفكر الوضاء لذلك ينبغي ان نبادر جميعا ونعمل كل من مكانه ومجال اختصاصه وما يحسن لاحداث الفرق وعمل الاضافة الحقيقية في هذا الميدان الرحب ملتزمين طبعا بمحددات الشريعة التي تنطلق من عدم اضرار بعضنا بالعض الاخر اولا وفهم القضية والنهج فهما عميقا ينسجم مع المقام المقدس للامام سلام الله عليه واهل بيته واصحابه الكرام عند ذاك يمكننا العمل حثيثا وتطوير امكانياتنا في خدمة الدين العظيم لاننا بذلك نخدم انفسنا اولا وامتنا وطلاب الحقيقة ومن يريدون التعرف على سبط النبي الاكرم ابي الضيم الامام الحسين عليه السلام "ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب".. وما احوجنا اليوم لتعميم مفهوم التقوى في ظل استشراء الفساد ولامبالاة طبقة الحكام والمسؤوليين بشعوبهم لعلهم يعون حجم مسؤوليتهم ويتعلمون الدرس جيدا بالابتعاد عن كل شبهة والاقتراب من هذه المدرسة العظيمة على مستوى التطبيق العملي ..

ارسال التعليق