مانديلا والبيشمركة وميزان الأنصاف!!-

مانديلا والبيشمركة وميزان الأنصاف!!-

من ينظر للشعوب وتاريخها الحديث والمعاصر، يجد إنّها تعتزُ بمن يعمل ويضحي من أجلها ويجلب لها الحريّة، ويُسهم في عتقها من رقة الذل والاستعباد، فحين تنحى المؤسسة السياسيّة في بلدان كثيرة عايشنا وقرأنا عن تجربتها في تكريم من ساهم بجهده وعرقه ودمه، وللمثال لابُدّ من الاعتبار من موقف الحكومات في الهند التي اعتبرت غاندي ورفاقه مميزين، رغم أن اغلبهم لم يتقلد منصباً سياسيّاً، لكنهم محترمون في أوساط أبناء بلدهم حكومة وشعباً، ولا يكاد احدهم يدخل مكاناً عاماً أو خاصاً حتّى ترى التبجيل والاحترام، ناهيك عن تجارب أخرى لبعض عظماء شعوبهم فهاهو الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا ومؤتمره الوطني وما لاقوه من احترام ليس في جنوب أفريقيا وحدها، بل على مستوى إفريقيا فهم أين ما ذهبوا وحلوا أو ارتحلوا يبقون هم أصحاب الفضل الأوّل في الانعتاق من طيش وقسوة نظام الفصل العنصري الذي أسسه المستعمرون وحكام بريتوريا الانكليز، وفي سنوات خلت من عمر تجربة العراق الديمقراطية حد الإجحاف ينال من عظماء الإرادة وتحت مسميات قد تكون محقة للوهلة الأولى، لكنّها ظالمة وباطلة في تعاملها، فبين ما يُكرم إقليم كردستان العراق رجالاته وشجعانه من تشكيلات البيشمركة ممن قارعوا النظام الصدامي، ويسن القوانين لتمكينهم من الوصول إلى مستويات عليا مكافأة لما عملوا وتعويضاً عما قاسوه من ظروف غايّة في التعقيد، حيث افنوا شبابهم في مقارعة الدكتاتورية والعنصرية، حين حملوا السلاح لقتال هذا النظام الشوفيني دفاعاً عن شعب كردستان.
تقف قوانين صدام ذاتها لتحاكم المجاهدين وتقصيهم، نعم إن سجناء الرأي والمجاهدين العراقيين الذين لا يختلفون عن غيرهم من معارضي الأنظمة الجائرة المستبدة ولعقود طويلة فمنهم من قضى سنين طوال في زنازين النظام المقبور، ومنهم من التحق بصفوف المجاهدين في أهوار جنوب العراق، أو في جبال كردستان، أو في الجزيرة، أو حتى في داخل العراق، وقد حرموا من إكمال دراساتهم الجامعية الأمر الذي جعلهم خارج استحقاقهم الشرعي والقانوني والأخلاقي ولم ينصفهم أحد ولا نعلم لماذا لم تلتفت بعض الجهات عن مثل هذا الظلم رغم أن بعض الساسة قد اضطر ونقول اضطرَ، لأن أغلب الساسة حصل على شهادته إما من خلال تأثيراته وعلاقاته أو من خلال انخراطه بالدراسة قبيل تجبر صدام واستيلاءه على السلطة في العراق مع عصابته البعثية المارقة، لذا نطلب و نأمل من المسؤولين أنّ يسعوا بكل الطرق والوسائل لإعادة حقوق المجاهدين والسجناء السياسيين، تعويضاً عما فاتهم من حياتهم وفتح الباب أمامهم عبر تشريعات منصفة تستثنيهم وتعتبر سنوات جهادهم ومقارعتهم للنظام امتيازاً لا نقمة تحل بهم وتنكراً لتلك العذابات، فقط ليعيدوا لهم جزءاً من دين كبير دين ليس على حكومة العراق الحالية بل انه دين بذمة الوطن لهم لأنهم كانوا ومازالوا حماة هذا الوطن ومعدنهم نفيس لا يظهر إلاّ حين تشتد الصعاب وتظهر الخطوب !

ارسال التعليق