هذه أزمتنا وهذا هو الحل
يسجل العراق حالات قياسية من الشكوى والتذمر وسب الاحزاب والاشخاص ، تشعر القوى الحاكمة بالقلق كلما لمست تراجعا في معدلات الشتائم الجماهيرية . هي تخشى ان تهدأ الهجمات الكلامية لتحل محلها لغة المعارضة الجادة الهادفة ، هناك تجهيل متواصل وتشجيع متعمد لابقاء المعارضين حالة غوغائية بعيدة عن التنظيم . القوى الحاكمة تدير البلد حسب نصائح الحكماء الاوائل، اول النصائح الامساك بمفاتيح العملية الانتخابية ، فالقوى الحاكمة منتخبة ، وهي التي شرعت قانون الانتخابات ، وهي التي تقوم بتعديله ، وهي التي تشكل المفوضية العليا للانتخابات ، وهي التي تعين مراقبين ، وهي التي ترشح المرشحين . وفي نهاية المطاف هي التي تشكل الحكومة ومجلس النواب معا . بتعبير آخر انها تصنع السلطة التنفيذية والسلطة الرقابية ! فالوزراء والنواب الذين يحاسبونهم من الكتل نفسها . وهكذا اينما امطرت سحابة الانتخابات فخراجها لهم. ولهذا السبب لا يملك مجلس النواب سلطة حقيقية ، وبلاده تؤكل وهو يتفرج او يشارك في الافتراس . ولا توجد كتلة معارضة داخل البرلمان لأن الذين يشكلون الكتلة المعارضة التي تحاسب الحكومة ممنوعون من دخول عالم الانتخابات بطرق خفية . هذا الطوق لا يستطيع اختراقه احد ، هو مثال عملي للاوليغارشية المقنعة بالشرعية الديمقراطية. هذا مذهب قديم في سلطة الاقلية المتفوقة اقتصاديا واجتماعيا ومدعومة خارجيا مقابل اكثرية مسحوقة معارضة تمتلك كل عوامل الانقاذ والتحرر لكنها عاجزة عن تنظيم جهدها لازاحة الآخر سلميا. المطلوب من معارضة الشتائم تشكيل حزب اصلاحي ينظم طاقة الرفض الشعبي ويشارك في الانتخابات ويقدم حلولا ومفاهيم راقية مناقضة لثوابت الفشل القائمة ، تقديم الوطنية بدل الطائفية والقومية ، والدستور بدل التوافقات المصلحية ، والتنمية الشاملة بدل تقسيم الثروة على الحيتان. وسلطة الدولة والقانون والقضاء بدل سلطة العصابات. وزعامة وطنية واحدة حاضنة زاهدة عادلة صارمة واسعة الصدر تكون كهفا للمؤمنين وليست كهفا لكل ناقص عقل ودين . هذا هو الاسلوب الاكثر حداثة في اصلاح دولة كالعراق مازالت تعيش قرونها الوسطى .
ارسال التعليق