هل يستطيع ترامب أزاحة نتنياهو عن السلطة أم أنها فقاعة تضليلية للتحالف المشترك بينهما
أ. د. جاسم يونس الحريري بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
للاتصال بالكاتب:- jasimunis@gmail.com
قال(عيران ياشيف))وهو محاضر في الاقتصاد وبنفس الوقت كاتب إسرائيلي في مقال رأي بصحيفة ((هآرتس))الإسرائيلية ((إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لن يهدر أي فرصة في محاولة إزاحة بنيامين نتنياهو الذي يحتاج إلى “صيانة عالية”، وذلك رغم صداقة جمعتهما سابقا)).
وأضاف ياشيف (( أن من مصلحة ترامب إزاحة نتنياهو من السلطة لأنه شخص يحتاج إلى اهتمام ورعاية ودعم مستمر))،مشيرا إلى((أن رأيه ليس تنبؤا دقيقا بل تحليل لموقف ترامب “المتقلب وغير القابل للتنبؤ”، مع مراعاة الاعتبارات الاقتصادية في المقدمة)).
ويقول ياشيف ((إن نتنياهو بنظر الأميركيين يحتاج إلى “صيانة عالية” حيث تلقت إسرائيل ما يقرب من 18 مليار دولار من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة على مدار العام الماضي)).
و((أعرب ترامب عن رغبته في عدم إنفاق أموال دافعي الضرائب الأميركيين على الصراعات الخارجية، سواء في أوكرانيا أو إسرائيل، وتصرف بناء على ذلك؛ حيث إن دعم الاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط ليس على أجندته)).ويتساءل ياشيف هل لدى ترامب التزام تجاه نتنياهو؟
ليجيب “بلا”، حيث يعتَبر ((أن ترامب يحتقر نتنياهو ويستاء من علاقات رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرئيس الأميركي جو بايدن. والآن بعد أن تحرر من الاعتبارات الانتخابية، فإن وعود حملته الانتخابية لا تحمل قيمة تذكر))، وفق تعبيره.ويضيف الكاتب الإسرائيلي تساؤلا جديدا كيف يمكن لترامب “إزاحة” نتنياهو؟
ليجيب أنه وفقا لرأيه ((فإن ذلك يتم بطريقتين الأولى بإرساله رسالة إلى الأحزاب الإسرائيلية، وخاصة الأحزاب المتشددة، مفادها أن “مسيرة نتنياهو انتهت” ومن المرجح أن يمتثلوا بسرعة، بحسب تعبيره.ثانيا، والكلام لياشيف، من خلال ممارسة الضغوط المالية واستخدام نهج “العصا والجزرة” مع نتنياهو وحزبه الليكود ومن سماهم “سماسرة السلطة الآخرين” وفي أفضل الأحوال، سيخرجه من السلطة بسهولة.
ويقول أيضاً إنه، ((بمرور السنوات، ازدادت تطلّعاته الاستبدادية، وأصبحت الفضائح والافتراءات أشد شراسةً، وازداد التأثير السيئ لعائلته والمقربين منه، وأصبحت نرجسيته مَرَضية. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، فإيران وأذرعها منتبهون لتراجع التأييد الأمريكي لإسرائيل، ومجيء زعيم أمريكي هو صديق فلاديمير بوتين يساعد إيران)).
وبالرغم من تلك الاحتمالات لكن ظهرت كاتبة اسرائيلية تنفي قيام ترامب بازاحة نتنياهو عن السلطة لان الرجلين يتناغمان في عدة ملفات. اذ قدمت الكاتبة الإسرائيلية ((ميراف باتيتو))،في صحيفة ((يديعوت أحرونوت)) الاسرائيلية،مقارنة لافتة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ((بنيامين نتنياهو))والرئيس الأميركي المنتخب ((دونالد ترامب))، متسائلة عن تداعيات تحالفهما السياسي وأثره المحتمل على ((إسرائيل)) ومستقبل الديمقراطية؟.
ووصفت الكاتبة الإسرائيلية نتنياهو وترامب بـ”المفترسَين الفائقَين” اللذين يتقنان فن تدمير المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الانقسامات في مجتمعاتهما، وربطت بين أساليبهما في استغلال السلطة وإثارة النزاعات لتعزيز سيطرتهما.
وبدأت باتيتو مقالها بملاحظة أن نتنياهو وترامب “على وشك مشاركة طاولة يُناقش حولها مصيرنا نحن الإسرائيليين”.
وأشارت إلى أنه إذا تمكن ترامب، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية،من ثني نتنياهو عن “ميله للحرب إلى أجل غير مسمى”، فقد يتحقق للإسرائيليين بعض الاستقرار والسلام في ظل التحالف الجديد.لكنها حذرت من العواقب المترتبة على سياسات الرجلين، واصفة إياهما بأنهما “زعيمان يتبنيان الأيديولوجيا الشعبوية نفسها، التي تتيح لهما تحريك الجماهير بطريقة تشجع على التعصب والانقسام”.
وقالت باتيتو إن “ائتلاف نتنياهو أزال الشكوك حول العلاقة بين حدثين غير مسبوقين وقعا في كلا الركنين من العالم”، مضيفة أنه أصبح من الواضح أن إزاحة الديمقراطيين عن السلطة ليست مجرد هدف سياسي بل “صفقة مربحة”،خصوصا عندما “تكون بلطجيا سياسيا، مليئا بالغطرسة، ولديك سجلات جنائية، ويتعرض مكتبك لاتهامات بفضائح أمنية خطيرة في زمن الحرب” في إشارة منها إلى نتنياهو.وأوضحت الكاتبة ((أن لدى نتنياهو وترامب أسلوبا مشتركا في مواجهة خصومهما السياسيين، فهما لا يتورعان عن استخدام أي وسيلة لتحقيق النصر، حتى وإن كانت على حساب الديمقراطية)).
وعلى الجانب الأميركي، ترى الكاتبة ((أن ترامب شخصية تعبر عن تراجع القيم الديمقراطية،إذ استطاع “تشجيع مجرميه على صعود الكابيتول هيل(مقر الكونغرس الأميركي)،وهو مايمثل -حسب رأيها- تجسيدا واضحا “للمشاهد المروعة لتدمير الديمقراطية”.
وأشارت باتيتو كذلك إلى ((الاتهامات المتكررة لترامب، بدءا من الاعتداءات الجنسية وصولا إلى تصريحه الشهير بأنه “حتى لو أطلق النار على شخص ما في الجادة الخامسة، فسيظلون يصوتون لي”. وترى الكاتبة ((أن هذا السلوك الاستبدادي كان الأساس الذي دفعه للإعلان عن رفضه المحتمل لقبول نتائج الانتخابات إذا خسر، مما يعكس نفسية الزعيم الذي لايقبل بالهزيمة مهما كلف الأمر)).
وحذرت باتيتو من أن ((التحالف بين ترامب ونتنياهو يمثل خطرا على إسرائيل والديمقراطية))، مشيرة إلى ((أن ترامب ونتنياهو على وشك مشاركة طاولة يُناقش حولها مصير الإسرائيليين)).
لكنها في الوقت ذاته لفتت إلى ((أن ترامب، الذي لا يتوانى عن إهانة نتنياهو علنا عند الحاجة، لا يزال حليفا مهما له، ويمكن أن يكون هذا التحالف بينهما مدمرا إذا لم تتم مواجهته بحزم من القوى الديمقراطية)).
واختتمت الكاتبة مقالها بتأكيدها أن هذه “السياسات الاستبدادية” التي يتبعها ترامب ونتنياهو تمثل تهديدا لاستقرار المنطقة وللديمقراطية، وأنه يجب على الإسرائيليين التفكير جيدا قبل الانخراط في هذا “التحالف المشبوه”، وعدم الانجرار خلف زعماء لا يترددون في التضحية بالقيم الديمقراطية من أجل طموحاتهم السياسية)).
ارسال التعليق