إمام المتقين علي بن الحسين زين العابدين

إمام المتقين علي بن الحسين زين العابدين

بسم الله الرحمن الرحيم

مما لاريب فيه أن الحزم صناعة والتوكل بضاعة والدعاء إخلاص وعباده فهو حصن المومن وسلاحه وعدته وفلاحه لأنه يقي من البلاء ويصد وطأة الأعداء فمن أراد النجاح في أعماله والفلاح في اقباله وادباره.
والنصر على اعدائه والفوز برضاء ربه والنجاة من عقابه فعليه بالدعاء ففي الحديث النبوي (الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض) وقوله الدعاء سلاح المومن فيه تشبيه له بالسلاح الذي يقاتل به العدو فيرد ما يعتوره من المصائب وما يخشاه من سوء العواقب
فما افخم الحكم على الدعاء بأنه عماد الدين ونور السماوات والأرض فإن ذلك قد اشتمل على تعظيم لا يقادر قدره ولا يبلغ مداه.
وفي الحديث (الدعاء مخ العبادة وفي لفظ الدعاء هو العبادة) وقوله الدعاء هو العباده هذه الصفة مقتضية للحصر من جهة تعريف المسند إليه،
ومن جهة تعريف المسند ومن جهة ضمير الفصل تقتضي إن الدعاء هو أعلى أنواع العباده وارفعها واشرفها (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)
وقد كان الإمام علي بن الحسين زين العابدين الساجدين لله الذاكرين الشاكرين
إمام أهل الورع المتقين منارا للعلم ومرجعا في الورع والعبادة والتقوى حتى سلم المسلمون جميعا في عصره بأنه أفقه أهل زمانه واورعهم واتقاهم
سمي زين العابدين لكثرة عبادته وله الأدعية الخالصة لله المشتملة على تعظيم الله وتقديسه والخضوع له المجسدة لإفراد الله بالتحميد والتقديس والتنزيه والتوحيد بما لم يسبق إلى مثله غير النبيين والإمام علي وسبطيه سيدي شباب أهل الجنة
وقد أوتي زين العابدين من العلم والدين والورع والزهد والعقل والكرم وحسن الأخلاق شيئا عظيما
ولقد كان مرجعا لأهل التقوى والعلم والإيمان له من الولاء الروحي مكانة كبيرة،
شاهد ذلك: ما حصل في موقف الحجيج الاعظم عند طوافه بالبيت، وقد كان هشام بن عبدالملك حاجا في ذلك العام وأراد أن يستلم الحجر الأسود فلم يقدر من الزحام فنصب له منبر فجلس عليه ينظر فإذا زين العابدين يطوف فإذا بلغ موضع الحجر انفرجت الجماهير من مختلف الأجناس والبلدان حتى يستلم الحجر الإمام زين العابدين عليه السلام
لمعرفة الناس مكانة الإمام زين العابدين وفضله وحسن خلقه وتعبيرا عن حبهم له
وقد رصد هذا الموقف الشاعر الكبير الفرزدق فأنشد قصيدته التي منها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير خلق الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله
بجده خير انبياء الله قد ختم
وليس قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من انكرت والعجم
اذا رأته قريش قال قائلها
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
ولم تكن ثقة الأمة بالإمام زين العابدين على اختلاف اتجاهاتها مقصورة على الجانب الفقهي والروحي فحسب
بل كانت تعتبره مرجعا ومفزعا لحل مشاكل الحياة بروح المجتهد البصير، و الممارس الذكي،
وكانت له حلقةٌ من البحث والدرس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدث الناس بصنوف المعارف الإسلامية من تفسير وحديث وفقه ويفيض عليهم ما تلقاه من علوم النبوة عن آبائه عليهم السلام
وقد استقطب الإمام زين العابدين الجمهور الأعظم من القراء وحملة الكتاب والسنة، حتى قال سعيد ابن المسيب: ان القراء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين فخرج وخرجنا معه ألف راكب
وقد جاء في سيرة الإمام أنه كان يخطب الناس في كل جمعة ويعظهم ويزهدهم ويرغبهم في أعمال الخير ويغذي أسماعهم بتلك المقاطع الغنية بالوان الدعاء والحمد والثناء على رب الأرض والسماء المالك لكل شيء التي تمثل العبودية الخالصة لله سبحانه وحده لا شريك له
ولعل القارئ يدرك أن خصوم أهل البيت يمنعون دخول الصحيفة السجادية إلى بلدانهم بغضا أو حسدا وكأنهم يريدون أن يحولوا بين الناس وبين الاستنارة بأنوار ربهم التي أرشد إليها علمائهم في دعائهم وخطابهم (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)
ولقد كان أتباع زين العابدين وولده الإمام زيد من أئمة أهل البيت في يمن الإيمان والحكمة ماضون على دربهم في إعلان الخضوع لله والتسليم لأمره
والاستعانة به
والدعاء له في الشدة والرخاء، وهذا الإمام المهدي العباس يقول:
الدهر يزعم أنه سيروعني
بجيوشه ويزيد في اتراحي
لم يدر دهري انني متجلد
لخطوبه فليخش هول كفاح
فالصبر درعي والقناعة جنتي
والذكر حصني والدعاء سلاحي
وهذا الشهيد القائد الورع التقي المجاهد الأبي المخلص لربه المجتهد في دعائه وجهاده الحسين بن بدر الدين الحوثي يجدد للدين معالمه وتمتلى خطبه وإرشاده ومواعظه بما يدعو إلى تعظيم الله وتقديسه وتنزيهه وافراده بالحول والقوة والعزة والعظمة والعمل على تحكيم القرآن في كل شؤون بني الإنسان ووجوب الجهاد لأعداء الله أخذا بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والسعي إلى مناصرة القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين الأولى في هذا العصر
وهذا قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله يقود أنصار الله وأبناء اليمن الميمون إلى ما فيه عز الإسلام وإصلاح شؤون المسلمين وتعظيم وتمجيد وتقديس رب العالمين وهاهو وأنصار الله من أبناء اليمن الميمون أهل البأس والفطنة والحكمة يذيقون الصهيونية اليهودية الوانا من العذاب، ويدعو الى إصلاح شؤون الأمة وإلى الجد والاجتهاد وتحرير الأقصى الشريف
فمن أراد العزة والسلامة والنصر والفلاح في الدنيا والآخرة فليتبع منهجه وسبيله فهو خير وأبقى من اتباع أئمة الجور الذين يبغونها عوجا ويملؤون الفضاء بوسائل اللهو والمجون ويبثون الشتيمة على أهل التقى من أهل بيت النبي المصطفى وأنصار الله وحزبه ويوادون الصهيونية اليهودية التي عاثت في الأرض فسادا وسفكت الدماء الطاهرة في فلسطين قال تعالى:(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى‏ وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً)
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين
والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين ولانامت أعين الجبناء. ( وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)

ارسال التعليق